الثلاثاء، 4 يونيو 2013
1:25 ص

ثروت الخرباوى يكشف: الإخوان يبايعون الخمينى خليفة للمسلمين ... أئمة الشر.. الإخوان والشيعة





ثأثر البنا فى مواقفه بالكثير من أفكار الشيعة وفى نفس الوقت فإن الكثير من علماء الشيعة نظروا بتقدير وإعجاب إلى شخصية البنا
رجل الدين الشيعى نواب صفوى خطب من فوق أحد منابر سوريا قائلا: من أراد أن يكون جعفريا حقيقيا فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين
الخمينى كان متأثرا بشكل واضح فى كتابه «الحكومة الإسلامية» بفكر سيد قطب والمودودى.. وقد أثر هذا الكتاب فى الإخوان فى السبعينيات حتى إن مصطفى مشهور درسه للطلاب فى المعسكرات الإسلامية
فى عهد مرشد الثورة على الخامنئى أصبحت كتب سيد قطب تُدرس فى مدارس الإعداد العقائدى للحرس الثورى الإيرانى
عندما نتوغل فى تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وعلاقتهم بالشيعة، نجد أن حسن البنا فى مراحله الأولى قد وقع فى هوى الشخصية الشيعية الشهيرة جمال الدين الأسد آبادى، الشهير بجمال الدين الأفغانى، فضلا عن علاقاته المتعددة بكثير من مراجع الشيعة، وأبرزهم آية الله سيد أبو القاسم كاشانى، وعندما نقرأ أفكار البنا ومواقفه نجده وقد تأثر بكثير من أفكار الشيعة، وكان حسن البنا ولا يزال محل إعجاب وتقدير كبيرين من علماء الشيعة بل من عموم الشيعة، خصوصا «الإمامية الاثنى عشرية».
وقد كتب الدكتور العلامة إسحاق موسى الحسينى، الذى كان عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة إلى أن توفاه الله عام 1990، وكان أيضا عضوا بالمجمع العلمى العراقى، فضلا عن عضويته لمجمع البحوث الإسلامية، كتب هذا العالم الكبير فى كتابه الشهير «الإخوان المسلمون.. كبرى الحركات الإسلامية الحديثة» أن الود كان متبادلا بين الإخوان والشيعة، بل إن الشيعة كانوا يعتبرون الإخوان فرعا من فروعهم ومتحدثا بلسانهم وسط الأمة السنية، وكان مما قاله فى هذا الصدد «إن بعض الطلاب الشيعة الذين كانوا يدرسون فى مصر قد انضموا إلى جماعة الإخوان، ومن المعروف أن صفوف الإخوان المسلمين فى العراق كانت تضم الكثير من الشيعة الإمامية الاثنى عشرية»، وعندما زار نواب صفوى سوريا وقابل الدكتور مصطفى السباعى، المراقب العام للإخوان المسلمين هناك، اشتكى إليه الأخير أن بعض شباب الشيعة ينضمون إلى الحركات العلمانية والقومية، فصعد نواب إلى أحد المنابر، وقال أمام حشد من الشبان الشيعة والسنة: «من أراد أن يكون جعفريا حقيقيا فلينضم إلى صفوف الإخوان المسلمين».
وحين أسس المرجع الدينى الشيعى محمد باقر الصدر فى العراق حزب الدعوة الشيعى، وهو أحد أكبر الأحزاب الشيعية فى العراق، رأى أن يدخل فى تحالف واضح مع الحزب الإسلامى العراقى السنى، وقد كان الحزب الإسلامى هذا هو الذراع السياسية لجماعة الإخوان فى العراق، ثم دخل حزب باقر الصدر الشيعى مع الحزب الإخوانى فى تحالف بعد ذلك حتى إن كثيرا من المؤرخين قالوا إنهما كانا فى حالة وحدة.
وعلى صعيد آخر لم تكن بعض الرموز الإسلامية مثل أبو الحسن الندوى وأبو الأعلى المودودى، وهما من أكثر المفكرين تأثيرا على فكر جماعة الإخوان المسلمين بعد الشيخ البنا خارج هذا السياق، كان الهم الذى جمع مشاعر المودودى والندوى هو ذلك التفرق بين طوائف المسلمين فى الهند، فى الوقت الذى كانت الأكثرية الهندوسية كيانا واحدا، شعر هذان الرجلان بالحاجة الملحة إلى وحدة مسلمى الهند بمختلف طوائفهم السنية والشيعة الإمامية حتى البهرة الإسماعيلية، وكانت أفكار حسن البنا ذات تأثير كبير فى هذين العالمين، خصوصا فكرته عن التقريب بين الطوائف الإسلامية المختلفة، والغريب أن المودودى بالذات كان صاحب تأثير كبير فى ما بعد على سيد قطب، وكذلك كان الندوى، وكان المودودى قد صنع لنفسه قواما علميا خاصا به حتى صار صاحب مشروع فكرى.
والبادى من فكر سيد قطب (الصانع الثانى للمنظومة الفكرية للإخوان) أنه تأثر بهذين المفكرين، حتى إنه كتب مقدمة للترجمة العربية لكتاب الندوى: «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين» ومن المعروف وفقا لتراث الندوى أنه كان يمجد إلى درجة تقترب من التقديس سلالة آل البيت، إلى الحد الذى كان يقربه من الشيعة الإمامية، أما فكرة «الحكومة الإسلامية» التى كانت ماثلة فى فكر المودودى فقد تأثر بها سيد قطب وأخذ منها مشروعه الفكرى وتلقى منه فكرة «الحاكمية»، فضلا عن تأثر قطب بكتاب المودودى «المصطلحات الأربعة».
وفى ذات الوقت تجد أن الإمام الخمينى، مرشد الثورة الإيرانية، وضع كتابا تحت عنوان «الحكومة الإسلامية»، وضح من خلاله تأثره بفكر سيد قطب والمودودى، وقد كان كتاب الخمينى هذا حاضرا بقوة فى المشهد الإسلامى الإخوانى المصرى إبان فترة السبعينيات، وأذكر حينما كنا طلبة بالجامعة وفى غضون عام 1979 أنه انتشر بين طلاب الإخوان المسلمين كتاب «الحكومة الإسلامية» للخمينى، وكان الأستاذ مصطفى مشهور وقتها يقوم بتدريس هذا الكتاب للطلاب فى المعسكرات الإسلامية، وأذكر أننى حضرت أحد هذه المعسكرات فى مدينة رأس البر، وكان هذا المعسكر قد نظمته الجماعة الإسلامية لسان حال الإخوان فى الجامعات، وكان بعض شيوخ الإخوان الكبار يلقون محاضراتهم فى الأمسيات، وفى الليلة الأولى للمخيم قامت إدارة المعسكر بتوزيع كتيب «الحكومة الإسلامية» للخمينى علينا، وبعد أن تسلم كل واحد منا نسخته من ذلك الكتيب، طلب منا المشرف على المعسكر الأخ زياد عبد الخالق السورى وكان من الطلبة السوريين الذين يدرسون فى جامعة عين شمس، وكان يمت بصلة قرابة لمصطفى السباعى الذى كان مسؤولا عن الإخوان فى سوريا، طلب منا أن نقرأ هذا الكتيب بإمعان، حيث إن أحد الرموز الإسلامية سيلقى علينا محاضرة عنه فى المساء، لم يخبرنا الأخ باسم هذا الرمز، الأمر الذى جعلنا نتشوق للمحاضرة، فانكب كل واحد منا على كتيب الخمينى نقرأه حتى كدت أن أحفظ سطوره.
وفى المساء كانت المفاجأة، الحاج مصطفى مشهور، عضو مكتب الإرشاد، هو المحاضر، جاء إلى المعسكر فى سيارة «فيات» قديمة بيضاء اللون، وكان يقود السيارة شاب كث اللحية أسمر اللون، وكان برفقة الحاج مصطفى رجلا فى نهاية العقد السادس من عمره، عرفت يومها أن اسمه الحاج أحمد حسنين، وأنه كان أحد الأعضاء الكبار فى مكتب الإرشاد وأحد قيادات النظام الخاص بالجماعة، وكانت هذه أول مرة أعرف فيها هذا الرجل الذى كان معروفا فى الجماعة بـ«الرجل الصامت»!
وبعد صلاة العشاء قام الحاج مصطفى مشهور بإلقاء درس علينا، قارن فيه بين كتيب الخمينى «الحكومة الإسلامية» وكتاب معالم فى الطريق، ثم عرج فى محاضرته على فكرة الحكومة الإسلامية التى تمثل المشروع الأكبر فى فكر المودودى، وعقد مشهور مقارنة بين تلك الكتب، وقال وقتها إن الخمينى تأثر بالبنا، لأن البنا كتب فى رسائله عن الحكومة الإسلامية، واستطرد مشهور، فى محاضرته، شارحا نقاط التقاء الخمينى مع البنا، فقرأ فقرات من رسالة البنا «دعوتنا» التى تحدث فيها البنا عن أن الإيمان مخدر فى قلوب المسلمين ولكنه يقظ منتبه فى قلوب الإخوان، ثم قرأ فقرات من كتاب آخر للخمينى عنوانه «جهاد النفس»، يقول فيه الخمينى مخاطبا عموم المسلمين: «إلى متى يتملككم السبات والغفلة، استيقظوا من نومكم واجعلوا إيمانكم يقظا منتبها».
وفى ختام محاضرته تحدث عن تقارب فكر الخمينى بفكر سيد قطب، فقال وهو يمازج بينهما: «إن هذا الكتاب وكتاب قطب (معالم فى الطريق) يخرجان من مشكاة واحدة».
■ ■ ■
إذا أردنا أن نتابع مدى التلاقح بين الشيعة والإخوان سنجد أن إيران بعد الثورة الشيعية كانت من أكثر الدول التى ذهبت إليها آلاف النسخ من كتاب سيد قطب «فى ظلال القرآن»، ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى ذهب فيها «معالم فى الطريق» إلى إيران وهو يحث الخطى، بل كان قد ذهب إليها بعد عام 1966، عندما تمت طباعة الكتاب فى بيروت، وكان لهذا الكتاب رواج كبير وسط أهل الشيعة، بحيث لم يعرف أحد كتابا صادرا من كاتب سنى لقى هذا الانتشار والشعبية فى دولة شيعية مثل هذا الكتاب.
والباحث الأريب سيجد أن الخمينى فى فكرته عن ولاية الفقيه، وفى كتابه «الحكومة الإسلامية» قد تأثر بفكرة «الحاكمية» عند سيد قطب، وفى عام 1966 ترجم السيد على الخامنئى قائد الجمهورية الإيرانية تلميذ الخمينى، الذى كان أيضا تلميذا نجيبا لنواب صفوى الذى كان معروفا بصلاته الوثيقة بالإخوان ترجم خامنئى للفارسية كتاب سيد قطب «المستقبل لهذا الدين» ومن فرط تأثر خامنئى بقطب، كتب مقدمة للترجمة تقطر بالمشاعر الجياشة، وصف فيها سيد قطب بالمفكر المجاهد، وكان النظام المصرى قد أعدم قطب عامها بتهمة تشكيل تنظيم يستهدف اغتيال جمال عبد الناصر وقلب نظام الحكم بالقوة، وهو الأمر الذى اعترف به قطب فى رسالة كتبها قبل شنقه بعنوان «لماذا أعدمونى»، وقال خامنئى فى مقدمته لهذا الكتاب «بهذا الكتاب فى فصوله المبوبة تبويبا ابتكاريا أن يعطى أولا صورة حقيقية للدين، وبعد أن بيَّن أن الدين منهج حياة، وأن طقوسه لا تكون مجدية إلا إذا كانت معبرة عن حقائقه، أثبت بأسلوب رائع ونظرة موضوعية أن العالم سيتجه نحو رسالتنا وأن المستقبل لهذا الدين».
ظلت العلاقة بين الإخوان والشيعة تظللها الروابط الوشيجة، وظل الود متصلا من الناحية الفكرية، فضلا عن الإعجاب المتبادل، حتى إن الإخوان شكلوا وفدا تقابل مع الخمينى فى باريس قبل الثورة، وكان ذلك فى غضون عام 1978، وفقا لما قاله يوسف ندا فى برنامج «شاهد على العصر» فى قناة «الجزيرة»، وبعد وصول الخمينى للسلطة فى إيران عام 1979 كانت من أوائل الطائرات التى وصلت مطار طهران واحدة تحمل وفدا يمثل قيادة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، وكان يوسف ندا القطب الإخوانى الكبير والمشرف وقتها على أموال الجماعة وعلى قسم الاتصال بالعالم الخارجى فيها هو أحد الشخصيات الرئيسية فى هذه الطائرة، رغم أنه أنكر وجوده فى هذا الوفد، إلا أن الأستاذ عباس السيسى كان قد ذكر لى فى اللقاء الذى جمعنا بمقر الإخوان بشارع سوق التوفيقية الذى كتبت تفصيلاته فى الفصل الأول أن يوسف ندا كان على رأس الوفد الأول، وكان معه الأستاذان جابر رزق المصرى، وغالب همت السورى، وبعض ممثلى الإخوان عن دول متفرقة، وكان تشكيل الوفد بأوامر صدرت من الأستاذ عمر التلمسانى، ويبدو أن هذا التكليف من الأستاذ عمر التلمسانى كانت له أسبابه، ففى هذه الفترة فى مصر كان الخلاف قد بدأ يستحكم بين الرئيس الراحل أنور السادات والإخوان، وأخذ الرئيس يتحدث عن انفلاتات الإخوان واستغراقهم فى ممارسة العمل السياسى، كما أن استضافة السادات شاه إيران المخلوع لكى يقيم فى مصر أحدثت خصومة بينه، أى السادات، وبين الحركة الإسلامية على عمومها، وكان السادات يعلم علم اليقين أن مفتاح الحركة الإسلامية قابع فى مقر الإخوان بحيث كان فى إمكان الإخوان تحريك الجامعات ضده، خصوصا أن الجماعة الإسلامية بالجامعة لسان حال الإخوان وقتها كانت فى أوج شعبيتها وفى عنفوان قوتها، وكانت تستطيع تحريك الجامعات كلها ضد النظام الحاكم وتوجهاته، فكان أن بدأ السادات يضيق على الإخوان فأصدر عام 1979 لائحة تحكم انتخابات اتحاد الطلبة بالجامعة، وكان الهدف من هذه اللائحة هو «قص ريش» الجماعة ومنعها من تصدر العمل الطلابى.
كانت كل هذه الأشياء فى خاطر الأستاذ عمر التلمسانى عندما أوفد وفوده إلى طهران لتقابل الخمينى، لذلك كان ولا بد أن يكون يوسف ندا مسؤول الاتصال الدولى بالجماعة على قمة هذا الوفد، فقد كان مكلفا بمهمة خطيرة قد تصنع تاريخا جديدا للمنطقة.
طرح الوفد الإخوانى على الخمينى فكرة أن تبايعه الجماعة بكل فروعها الدولية فى كل العالم على أن يكون خليفة للمسلمين، ولكنها اشترطت على ذلك شرطا هو أن يصدر بيانا يقول فيه «إن الخلاف على الإمامة فى زمن الصحابة مسألة سياسية وليست إيمانية»، ولكن الخمينى لم يرد عليهم وقتها، وعندما صدر الدستور الإيرانى كان الأمر بمنزلة مفاجأة للإخوان، وفق ما قال يوسف ندا فى حواره مع قناة «الجزيرة» برنامج «شاهد على العصر»، إذ نص الدستور الإيرانى على أن «المذهب الجعفرى هو المذهب الرسمى للدولة وبولاية الفقيه نائبا عن الامام الغائب».
كانت هذه المادة فى الدستور هى الإجابة على طلب الإخوان، فالخمينى بهذه المادة قال لهم إن الخلاف لم يكن سياسيا أبدا ولكنه كان عقائديا، فإن قبلوه خليفة للمسلمين بمذهبه فأهلا وسهلا، ومع هذا كان الإخوان فى مصر مستمرين على تأييد الخمينى وثورته، بحيث تحولت مجلة «الدعوة» لسان حال الإخوان إلى منبر من منابر الدفاع عن الثورة الإيرانية، وفى سبيل هذا الدفاع غضت الجماعة الطرف عن الاعتقالات وأحكام الإعدام التى صدرت فى حق العشرات من أهل السنة بإيران، لم يتألم الإخوان من أجل إخوانهم من السنة، ولم يرمش لهم جفن للقمع الذى حدث لهم، بل إن مجلات الإخوان ونشراتهم ودعاتهم سكتوا عن هذا الأمر وأسهموا فى إلقائه داخل جب سحيق من النسيان، وكأن الأمر لا يعنيهم، غاية ما قاله الأخ يوسف ندا فى برنامج قناة «الجزيرة» «شاهد على العصر» بتاريخ 10/1/2005 «إن هذا الأمر المتعلق بالاعتقالات والإعدامات مؤلم إلا أنه طبيعى إذ (لكل ثورة أخطاء)».
كان الإخوان يدافعون دائما عن إيران الشيعية وثورتها الخمينية، حتى إنهم وفقا ليوسف ندا فى برنامج «الجزيرة» «شاهد على العصر» بتاريخ 10/1/2005 حاولوا حل مشكلة الرهائن الأمريكان فى إيران، وبذلك كان الإخوان يمسكون العصا من المنتصف، فقام السفير الأمريكى فى مصر بزيارة المرشد الأستاذ التلمسانى وكلمه فى هذا الأمر، وأبدى المرشد استعداده للتدخل فى هذه المشكلة وحلها، وأعطاه السفير رقم هاتف البيت الأبيض، ويقول يوسف ندا فى البرنامج المشار إليه آنفا «اتصلت بالبيت الأبيض، وكان المرشد بجوارى، وأخبرتهم أننى أمثل جماعة الإخوان، وأريد الحديث مع الرئيس الأمريكى فأخذوا رقم هاتفى ووعدونى بالاتصال ولكن أحدا لم يتصل بى».
كان الإخوان يريدون أن تكون لهم يد على الخمينى وعلى الأمريكان فى ذات الوقت، ولكن خاب سعيهم وفشلوا فى مسعاهم، إلا أن هذا لم يفت فى عضدهم، وظل الإخوان يدافعون عن الخمينى وثورته، حتى إن المرشد الأستاذ التلمسانى قال بتاريخ 16/2/1984 لمجلة «كرسنت» وهى مجلة كندية إسلامية: «لا أعرف أحدا من الإخوان المسلمين فى العالم يهاجم الشيعة».
وعند وفاة الخمينى عام 1989 أصدر المرشد العام للإخوان حامد أبو النصر نعيا يقطر حزنا قال فيه: «الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخمينى القائد الذى فجر الثورة الإسلامية ضد الطغاة».
كانت وفاة الخمينى نكبة للشيعة وللإخوان المسلمين، فالخمينى وفقا لما قاله لهم، تأثر بحسن البنا، حتى إنه أطلق على نفسه لقب المرشد اقتداء بحسن البنا، وفى هذا يقول أحد أكبر الشيعة فى مصر، وهو أيضا أحد الأعضاء القدامى فى جماعة الإخوان، المستشار الدمرداش العقالى «وأعود لأقول إن حسن البنا كان داعيا إلى التقريب وأذكر فى هذا الخصوص أن الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام آية الله روح الخمينى، حفظت للإمام حسن البنا هذه السابقة والنظرة النافذة، فاستخدمت صفته التى بدأ بها حياته وهى كلمة مرشد -وحسن البنا هو أول من تسمى بكلمة مرشد، حيث كان يطلق عليه المرشد العام للإخوان المسلمين- يجهل الناس أن الإمام الخمينى ترك جميع المسميات الحوزية فى حوزيات الشيعة مثل كلمتى المرجع والغاية، وحرص على كلمة مرشد الثورة تيمنا بالإمام البنا، وقال لى من أثق فى صدقه من حول الإمام الخمينى إنه رفض أن يُسمى (المرشد العام)، وقال فليبق العام حقا لأول من أحيا الروح الإسلامية فى مصر فى القرن العشرين -حسن البنا- وأطلقوا اسمه على ساحة ضخمة فى طهران، (ساحة الإمام الشهيد حسن البنا)، وليس هذا من فراغ، ومن يحاولون أن يصوروا أن دعاة الإسلام الصحيح سنة وشيعة يمكن أن يفترقوا إنما هم واهمون، لأن من يفترقون هم الدعاة الكذبة، سواء للتسنن أو للتشيع، ولو أخلص الناس دينهم لله لاقترب التسنن من التشيع والعكس».
لم تكن وفاة الخمينى هى نهاية العهد الذى بينهما، ولكنها كانت بمنزلة انتقال إلى «طور» آخر من العلاقة، ففى عهد على الخامنئى الذى أصبح «مرشدا» فى مرحلة ما بعد وفاة الخمينى، أصبحت كتب سيد قطب تُدرس فى مدارس الإعداد العقائدى لـ«الحرس الثورى الإيرانى»، كما برز نفوذ لمرجعيات دينية مثل «آية الله محمد تقى مصباح يزدى»، وهو الأستاذ الروحى لأحمدى نجاد، الذى أصدر عديدا من الفتاوى التى أثارت جدلا، وكان منها وجوب انتخاب أحمدى نجاد وتحريم انتخاب من ينافسه، وهى فتوى شبيهة بالفتوى التى أصدرها بعض دعاة الإخوان فى أثناء انتخابات الرئاسة المصرية، إذ أفتوا بوجوب انتخاب محمد مرسى وتحريم انتخاب أى منافس له، وتكمن أهمية مصباح يزدى فى أنه أحد أكبر المعجبين بسيد قطب وكتبه، ويشار إلى مصباح يزدى بحسبه أحد أكبر الفلاسفة الإيرانيين فى العصر الحديث، ولذلك كان منطلقه فى إعجابه بقطب من زاوية «الحاكمية» وجاهلية المجتمعات. كان هذا غزلا رفيعا ترنم به الشيعة فى أذن الإخوان، فمس أوتار قلوبهم، فقاموا بالرد على الغزل بغزل أرفع منه.
اقرأ فى الحلقة القادمة «الخميس».. عندما اعترف مهدى عاكف أن الجماعة لديها 10 آلاف مقاتل
المصدر التحرير

0 التعليقات:

إرسال تعليق